اهمية الذكاء الاصطناعي في مجال الطاقة
أبرزت العديد من الدراسات في عصرنا الحالي كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يغير مسار الطاقة في العالم. وكيف سيكون له تأثيرات كبيرة على خفض الكلفة، وتوفير الموارد. إلا أن تأثير الذكاء الاصطناعي على استخلاص واستهلاك الطاقة في العالم سيكون أكبر من ذلك بكثير، وقد يكون أكبر مما قد نكتبه في هذه السطور. فمسار الذكاء الاصطناعي في مجال الطاقة على مر التاريخ هو مسار متغير نحو التقدم بسرعة لا يمكن التنبؤ بها. ومع ذلك، قمنا بتلخيص بعض النقاط الهامة، التي سيعمل فيها الذكاء الاصطناعي على تحسين وتعزيز الطاقة في العالم. وهي كالتالي:
· تحسين كفاءة مصادر الطاقة المتجددة
حيث يمكن لأنظمة الذكاء الصناعي أن تعمل على الاستفادة من الموارد بتكلفة زهيدة جداً. كما ستتمكن (وقد بدأت) من رصد أماكن وجود النفط ورسم الخرائط التوضيحية لهذه الأماكن. بالإضافة إلى تقدير الكميات المتاحة، ومن ثم تقدير كمية الطاقة التي سوف نحصل عليها. وبذلك فهي تسهل عملية الحصول على الطاقة وتوفيرها، مستغلة تقنيات التعلم الآلي العميق. وقدرتها على التنبؤ بالواقع بنسبة نجاح كبيرة.
بالتالي، يمكن القول أن أنظمة الذكاء الاصطناعي في مجال الطاقة سيكون لها دور كبير في التنبؤ بإنتاج الطاقة من المصادر المتجددة. وتحسين كفاءة مصادر الطاقة المتجددة كتوربينات الرياح، أو ألواح الطاقة الشمسية.
· كفاءة استخدام الموارد المالية
حيث يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي تحليل استهلاك الطاقة. واستخدام الخبرة السابقة وتقنيات التعلم الآلي في وضع خطط لتوفير وإرشاد استهلاك الطاقة في المستقبل، حتى مئات الأعوام. بالإضافة إلى أنها قد تُستخدم للتحكم بالمنشآت والمباني لتحديد استهلاك الطاقة وفق نظام محدد.
· المساهمة في الحفاظ على البيئة
وبما أن تقنيات الذكاء الاصطناعي سيكون لديها القدرة على التحكم بعمليات انتاج واستهلاك الطاقة. بالتالي سوف تملك السيطرة على الانبعاثات السامة الناتجة عن حرق الوقود وتقللها إلى مستوى مقبول بحيث تحافظ على سلامة عناصر البيئة ككل.
· زيادة موثوقية ومرونة شبكات الطاقة مع خفض التكلفة
في ظل الانتشار الواسع للمنشآت والمباني التي يتم بنائها كل يوم، والتي يتم فيما بعد إمدادها بالطاقة. فقد يكون من الصعب على الخبير البشري في المستقبل متابعة سير عمل جميع هذه الشبكات، والتحقق من وجود الأعطال في كل منها، وإصلاحها إن وُجدت. في هذا السياق، يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي أن تكون أكثر قدرة على التحكم بزمام الأمور. بالإضافة إلى الحفاظ على موثوقية الشبكة، وضمان عملها بشكل رائع ومحكم على مدار الوقت دون كلل أو ملل. وبذلك، سوف تساهم هذه الأنظمة أيضاً على خفض تكلفة الحاجة إلى خبراء بشريين في مجال الطاقة.
· تطوير تقنيات جديدة للتحكم بالأعطال
يمكن من خلال استغلال أنظمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي في قطع الطاقة أن نطور تقنيات جديدة للتحكم بالأعطال داخل الشبكات الكهربائية. وقد يكون ذلك من خلال التعلم الآلي الذي يتم إمداده ببيانات كاملة ومخطط واضح لطريقة توزيع خطوط الشبكة. فإذا حدث عطل في خط ما، لن تنقطع الكهرباء، بل ستعمل أنظمة الذكاء الاصطناعي على وصل خط شبكي آخر كبديل عن الخط المعطل، مع التحكم بالطاقة المتاحة في هذا الخط الجديد بحيث يستوعب التضخم والطلب الجديد على الطاقة. وبذلك، يمكن تفادي انقطاع الكهرباء بينما يتم إصلاح الخط المُعطّل.
تأثير الذكاء الاصطناعي في مجال الطاقة على توزيع الطاقة
من خلال أنظمة الذكاء الاصطناعي في مجال الطاقة، يمكن التحكم بتوزيع الطاقة والتنبؤ بكفايتها على مدار السنوات القادمة، اعتماداً على تقنيات التعلم الآلي العميق. وبذلك يمكن أن تقوم أنظمة الذكاء الاصطناعي بالتحكم بالطاقة في المنشآت، بحيث يتم تخصيص كمية محددة لكل منزل أو منشأة. وبالتالي، سيحصل الجميع على الطاقة بشكل عادل. يمكن لهذه العملية أن تحمل العديد من الآثار والنتائج الإيجابية، أولها ترشيد استهلاك الطاقة والتحكم بها لدى كل مستخدم. بالإضافة إلى تحقيق العدالة في الاستهلاك باستخدام الذكاء الاصطناعي الذي يُعد بعيداً كل البعد عن التحيز والعاطفة. وأخيراً والأهم تقليل الأعطال الناتجة عن الاستهلاك الجائر للطاقة.
تطلعات الذكاء الاصطناعي لتسريع انتاج الطاقة
ومع التطور المتتالي لتقنيات التعلم الآلي والتعلم العميق، وتقنيات الذكاء الاصطناعي التي باتت تتنافس مع عقل الانسان، سكون هناك العديد من التطلعات التي يأمل خبراء الطاقة من الذكاء الاصطناعي أن يكون قادراً على تحقيقها بالشكل الصحيح. بحيث يمكن تسريع انتاج الطاقة. وذلك مع الانتباه لعنصرين أساسيين، هما الحفاظ على البيئة، وخفض التكلفة بدلاً من زيادتها. من أهم هذه التطلعات:
· تحسين كفاءة عمل محطات الطاقة
وذلك من خلال تحسين كفاءة تشغيل المحطات، واستخدام قدرات التعلم الآلي في التنبؤ بالطلب الطاقي، وبالتالي تحقيق التوازن بين العرض والطلب.
· تعزيز عمل شبكات الطاقة
وذلك من خلال تقليل الفقد والضياع في الطاقة عبر خطوط النقل، وتحسين عمل الشبكة من خلال دمج مصادر الطاقة المتجددة كطاقة رئيسية أو بديلة.
· تقليل تكاليف انتاج الطاقة
من خلال اتباع استراتيجيات لتقليل تكاليف التشغيل، وتقنيات إدارة المخاطر لتقليل تكاليف التعرض للأعطال وصيانتها. بالتالي تقليل انقطاع التيار الكهربائي الذي يؤدي إلى تحسين كفاءة استهلاك الطاقة.
· حماية البيئة
حيث يمكن لاتباع اجرائيات الذكاء الاصطناعي أن يتم تقليل الانبعاثات السامة التي يتم اطلاقها نتيجة حرق الطاقة الأحفورية. إما من خلال إدخال مفهوم الطاقة المتجددة في النظام الطاقي، أو من خلال استراتيجيات خاصة.
· الحفاظ على السلامة
حيث يمكن أن تحل أدوات الذكاء الاصطناعي المتطورة محل عامل الصيانة البشري، أو تكون تحت إشرافه الخاص. بحيث نحافظ على الحياة البشرية من مخاطر الطاقة.
· تطوير مصادر طاقية جديدة
وذلك من خلال تحسين كفاءة الطاقة المتجددة للاستعاضة عن الطاقة الأحفورية، وتطوير مصادر جديدة للطاقة البديلة.
تحديات الذكاء الاصطناعي في قطاع الطاقة
بالطبع، هناك العديد من العناصر التي يمكن أن تجعل تسريع عملية انتاج الطاقة وقيادتها بالذكاء الاصطناعي، عملية ما زالت حتى اليوم قيد الدراسة، في ظل هذا التقدم التكنولوجي الكبير. وذلك لأن هذه المحدوديات تحتاج إلى إمكانات عالية، ودراسة تفصيلية لتحديد المخاطر والتنبؤ بها. بالإضافة إلى جواب واضح لسؤال: “كيف يمكن أن يبدو العالم إذا تمت قيادة طاقته كلها بأنظمة الذكاء الاصطناعي؟”. ومن أبرز هذه المحدوديات:
· التكلفة العالية
حيث تتطلب البنية الجديدة للطاقة التي سيتم إنشاؤها بالذكاء الاصطناعي مبالغ ضخمة. حيث يمكن أن يستدعي الأمر استبدال البنية التحتية الحالية ببنية جديدة تماماً. بالإضافة إلى أن الحصول على تقنيات متطورة كهذه يتطلب استثمارات كبيرة لتحسين عملية البحث والتطوير وإمدادها بالموارد اللازمة. كما أن تقنيات الذكاء الجديدة التي سيتم إدخالها في مجال الطاقة ستتطلب موظفين خبراء قادرين على التعامل مع هذه التقنيات بكفاءة عالية، مما يعني تكلفة زائدة متعلقة بأجور اليد العاملة.
· الحاجة إلى البيانات والوقت الطويل لمعالجتها
حيث تحتاج آليات الذكاء الاصطناعي كمية هائلة من البيانات النظيفة لتدريبها للعمل في قطاع الطاقة. ومن ثم تكلفة خاصة بمعالجة هذه البيانات لاستخدامها في تقنيات الطاقة الجديدة. فضلاً عن الحاجة لعمالة ماهرة في تدريب وتطوير تقنيات التعلم الآلي.
· المخاوف المتعلقة بأمن المعلومات (الأمن السيبراني)
وبالرغم من أن قدرات الذكاء الاصطناعي في مجال الطاقة يمكن أن تكون ذات قيمة إيجابية عالية. إلا أنها ستصبح عرضة لهجمات الأمن السيبراني. بالإضافة إلى أن معلومات المستخدمين وخصوصيتهم ستكون عرضة أيضاً للانتهاكات الأمنية. مما يتطلب درجة عالية من الأمان والحماية لأنظمة الطاقة بالذكاء الاصطناعي.
· عدم القدرة على تحقيق التوافق والتكامل
وفي حال ادخال الذكاء الاصطناعي في مجال الطاقة وإنشاء البنية التحتية الجديدة، لن نستطيع الوصول إلى توافق بين أنظمة الطاقة التابعة لجميع دول العالم، وخصوصاً بوجود دول فقيرة غير قادرة على تحمل التكليف العالية لهذه التقنية الجديدة. كما أن التكامل مع الأنظمة الحالية قد لا يكون متاحاً، وبالتالي ستزيد التكلفة نتيجة الحاجة إلى بنية تحتية جديدة.
· التحديات القانونية والتنظيمية
قد تعاني تقنيات الذكاء الاصطناعي من تحديات قانونية عند ادخال الذكاء الاصطناعي في مجال الطاقة، وقد لا يُسمح لهذه التقنية أن تكون موجودة على الصعيد القانوني. كما قد تعاني من صعوبات وتحديات تنظيمية، بمعنى أنه قد يصعب تحديد السؤول عن أي فشل في هذه الأنظمة. نظراً لأن الذكاء الاصطناعي سيكون القائد الرئيسي لها. باختصار، لقد أظهرت التطورات الحديثة في مجال الذكاء الاصطناعي أنها قادرة على تحويل صناعة الطاقة بشكل جذري. فمن خلال تحليل البيانات وتطبيق تقنيات التعلم الآلي، يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين كفاءة إنتاج الطاقة وتقليل التكاليف، وتعزيز الاستدامة. ومع استمرار التطور التكنولوجي، يمكن أن نتوقع رؤية تطبيقات أكثر ابتكاراً وتقدماً في قطاع الطاقة، مما سيسهم في بناء مستقبل أكثر فعالية من حيث استخدام الموارد وتقديم خدمات الطاقة للجميع بشكل عادل