مع تطور التكنولوجيا في العصر الحالي وظهور مصطلح الذكاء الاصطناعي أو الذكاء الصناعي، يثار لدى الكثيرين سؤال: “هل سيستبدل الذكاء الصناعي البشر؟”. هذا السؤال يطرح أمامنا أفقاً واسعاً من الأفكار والمناقشات والتصورات حول مستقبلنا. فإجابة هذا السؤال ممكن أن تحدد طريقة نظرنا إلى أنفسنا وإلى الآلات، وتغير بشكل جذري منظور العالم حول التطور. سنكتشف معاً مفهوم الذكاء الاصطناعي وفي هذه المقالة إجابة هذا السؤال، وبالتالي سنكتشف فيما إذا ستكون التكنولوجيا منافس للإنسان، أم أنها ستكون مساعد وَفي يعزز الإمكانيات ويفتح الآفاق نحو عالم جديد من الابتكار والتطور والرفاهية القائمة على التكنولوجيا.
ما هو مفهوم الذكاء الاصطناعي ؟
يُعرف على أنه ذكاء الآلات والبرمجيات. وهو مجال من مجالات علوم الكمبيوتر يطور ويدرس الآلات الذكية لكي تستطيع أن تقوم بنفس المهام التي يقوم بها البشر، ولكن بوقت زمني أقصر وبفعالية أكبر. ولذلك فإن تقنية الذكاء الاصطناعي أصبحت موجودة على نطاق واسع في مختلف الصناعات والآلات.
يهدف الذكاء الصناعي بشكل أساسي إلى حل المشكلات، ويتم ذلك من خلال اتباع خوارزميات التعلم الآلي والتعلم العميق التي ظهرت كعناوين فرعية. بالتالي، يمكن من خلال تطوير الذكاء الاصطناعي وتقنياته واستخدام خوارزمياته أن نحصل على أنظمة قادرة على حل المشكلات بأفضل طريقة. ليس ذلك فحسب، بل نستطيع أن نحصل على أنظمة يمكنها التنبؤ والتصنيف اعتماداً على البيانات المدخلة.
يُقسم الذكاء الاصطناعي إلى نوعين، الذكاء الاصطناعي الضعيف (كما يُسمى بالشكاء الصناعي الضيق)، والذكاء الاصطناعي القوي. في النوع الأول لدينا ذكاء اصطناعي مُدَرَب لأداء مهام محددة، وهذا النوع هو الذي يحيط بنا اليوم من خلال الآلات والتقنيات الذكية التي نراها. أما النوع الثاني (الذكاء الاصطناعي القوي) فيُقسم إلى نوعين أيضاً، في النوع الأول سوف يساوي ذكاء الآلة ذكاء الانسان. وفي النوع الثاني ستتفوق الآلة على الانسان بشكل واضح. وإن الذكاء القوي مازال غير موجود عملياً حتى الآن. إلا أنه في ظل التطورات السريعة التي نشهدها في هذا المجال قد يكون حلم قريب المنال.
قد يهمك أيضاً: ما هو vpn ولماذا نحتاجه؟
التعاون بين البشر والذكاء الاصطناعي
في ظل التطور الكبير الذي تشهده الآلة والذي يفوق التطور البشري في التسارع والأداء، أصبح لدى الكثير من الأشخاص تخوف من أنظمة الذكاء الاصطناعي التي يمكنها أن تسرق وظيفتهم، أن تحل محلهم في المراكز السياسية والاقتصادية وغيرها وتتخذ القرارات بدلاً منهم. أو حتى أن تستبدل شركاء حياتهم. فمن لا يريد أن يكون العالم مثالياً من خلال آلة تقوم باتخاذ القرارات الصحيحة دائماً بدون أي عاطفة مبذولة أو أي تحيز بشري!. لكن ماذا لو كان بإمكان الذكاء الاصطناعي أن يجعلنا أفضل؟
حيث يمكن للآلة أن تكون صديق وَفي بجانبك، تساعدك في أداء المهام اليومية بإشرافك. ومن خلال الجمع بين القدرات البشرية الفريدة مثل الحدس والإبداع والإلهام، وقدرات الآلة الحسابية ومهارات تحليل البيانات يمكن أن نحصل على نتائج مذهلة، تؤدي إلى إزالة العبء الكبير عن الانسان في مختلف المجالات. بالتالي، قد يسمح هذا الأمر للأشخاص بقضاء وقت أقل في العمل، ووقت أكبر مع عائلاتهم مقابل نفس الأجر الشهري الذي يتقاضونه. حيث تطلب ربع الشركات اليابانية تقريباً من موظفيها العمل ل 80 ساعة إضافية شهرياً وفقاً لتقرير حكومي صدر عام 2016. كما يعمل 31.6% من الأمريكيين في عطلة نهاية الأسبوع التي يجب أن يقضوها في الراحة. كذلك سجلت المكسيك وكوستاريكا وكوريا الجنوبية أطول ساعات عمل في العالم بمعدلات تصل إلى أكثر من 50 ساعة عمل أسبوعياً. بالتالي، قد يؤدي التعاون بين الآلة والانسان وتسليم الآلة بعض المهام إلى توفير الراحة والرفاهية للإنسان على مختلف الأصعدة، إذا تم ذلك بالشكل الصحيح.
وبالعودة إلى الاختراعات العديدة الأخيرة التي شهدها العالم، نجد أن هذا التعاون قد تم بالفعل. وذلك من خلال آليات مدعومة بالذكاء الصناعي يمكنها أن تحل محل البشر في الواقع، بينما يقودها البشر في الخلفية. قد يساعد هذا الأمر على حماية البشر من بعض المخاطر والحفاظ على حياتهم. إليك بعض الأمثلة التي تجسد الذكاء التعاوني بين الآلة والانسان:
· الطائرات الذكية بدون طيار
تساعد الطائرات الذكية خلال الحروب في البحث عن الأشخاص وانقاذهم، كما قد تساعد في حالة الكوارث الطبيعية. حيث تستخدم هذه الطائرات آليات ذكية لمسح التضاريس وتقديم الدعم الفوري في حال تطلب الأمر.
· الروبوت المساعد ARMAR
هو روبوت مدعوم بالذكاء الصناعي، يعمل مع العمال في الأماكن الصعبة ويساعدهم في أداء المهام المختلفة التي قد تؤذيهم مثل رفع الأشياء الثقيلة على سبيل المثال. وبالتالي، يساعد هذا الروبوت البشر لتحسين أداء المهام وحمايتهم من الأضرار المحتملة دون أن يسرق منهم وظيفتهم.
· نظام HALS
يعد نظام وضع العلامات المعزز للإنسان HALS نموذجاً للتعاون بين الذكاء الصناعي والبشر في المجال الطبي. حيث يساعد هذا النظام علماء الأمراض على تحديد مشاكل الخلايا من خلال استخدام حلقة من البيانات. كما يقترح HALS تسميات أو تعليقات توضيحية للصور والعينات الطبية.
وقد بينت النتائج أن استخدام HALS أظهر انخفاضاً في العمل اليدوي بنسبة 90.60%، بالإضافة إلى زيادة في جودة البيانات بنسبة 4.34%. بالتالي، يساعد HALS في تحسين جودة العمل وتوفير الوقت وتحسين الكفاءة دون استبدال الانسان.
ما هي التحديات الأخلاقية والقانونية لاستبدال الذكاء الاصطناعي للبشر؟
يقول جوزيف فولر، وهو أستاذ الممارسات الإدارية في كلية هارفارد للأعمال: “الهيئات التنظيمية ليست مجهزة بالخبرة في مجال الذكاء الاصطناعي للانخراط في الرقابة دون بعض التركيز الحقيقي والاستثمار”. وقد وضح أن التغير التكنولوجي يسير بمعدل سريع لدرجة أن المشرعين الأكثر اطلاعاً لا يمكنهم التعامل مع هذا التطور السريع. وبالتالي فإن فحص كل منتج يستخدم الذكاء الاصطناعية من الآثار المختلفة التي يمكن أن تنتج عنه ولاسيما الآثار الاجتماعية، ضرورة أساسية لكيلا تسطو التكنولوجيا على المجتمع بشكل سلبي.
بالتالي فإن استبدال الذكاء الاصطناعي بالبشر يثير العديد من التحديات الأخلاقية والقانونية. بما فيها تحديات البطالة البشرية وتدهور جودة العامل، بالإضافة إلى تحديات خصوصية البيانات التي يصل لها الذكاء الاصطناعي كونه يتعامل مع كمية لانهائية من البيانات المدخلة. أيضاً لا ننسى التحديات القانونية، حيث إنه من الضروري تحديد المسؤولية القانونية وفرض العقوبات عند حدوث ضرر أو أذية ناتجة عن الذكاء الصناعي أياً كان نوعها. وذلك لجعل التطور محدوداً بالأخلاقيات الإنسانية، ولمنع سيطرة الآلة على العالم.
أهم إنجازات الذكاء الاصطناعي في العالم
لقد سجل الذكاء الاصطناعي إنجازات لا تُعد ولا تُحصى، خصوصاً في الفترة الأخيرة. وذلك يعود للتطور السريع الذي يمر به هذا المجال. إليك أهم إنجازاته في العالم والتي قد تخدم البشرية بشكل كبير سواء الآن أو نتيجة التطويرات التي قد تُجرى عليها في المستقبل.
· الرعاية الصحية
تعد الرعاية الصحية من أهم المجالات التي دخلها الذكاء الصناعي وطور فيها الكثير، فإنجازات الذكاء الصناعي في هذا المجال لا تُعد ولا تُحصى. وبالتالي، ساعد الذكاء الصناعي في الحفاظ على حياة الانسان بشكل كبير من خلال التشخيص المبكر والتنبؤ بالأمراض والمعدات المتطورة التي تساعد في العمليات الدقيقة وغير ذلك الكثير.
· تحسين التنبؤات
وذلك من خلال استغلال تقنيات التعلم العميق في فهم وتحليل الواقع، وبما أن هذا التحليل مستند إلى بيانات فعلية، فإن قدرة الآلة على التنبؤ تفوق قدرة الانسان بمراحل. ولك لكون الآلة سريعة الاستنتاج والتحليل. من الأمثلة المهمة حول تقنيات التنبؤ باستخدام الذكاء الاصطناعي التنبؤ بالزلال والكوارث الطبيعية المختلفة والتنبؤ بالأعطال في المعامل الكبيرة.
· التعليم والتدريب
يستخدم الذكاء الصناعي بشكل واسع في عمليات التعليم وتحسين كفاءة الأفراد، سواء من خلال البرامج المختلفة أو الآلات التي تستخدم جميعها الذكاء الصناعي.
مواقع الذكاء الاصطناعي المختلفة
بإمكانك اليوم أن تفتح متصفح الانترنت الخاص بك وتطلب من الذكاء الصناعي أن يساعدك في أي مهمة. حيث انتشرت اليوم مواقع الذكاء الصناعي التي يمكن أن تجاوبك على استفساراتك المهمة، تساعدك في أداء المهام، في عمل سيرتك الذاتية، في إنشاء الأغاني أو تجهيز العروض التقديمية. في الرسم أو العزف أو أي مهارة تتقنها.
إن جميع هذه الممارسات للذكاء الصناعي تصب في مصلحة الانسان، وتساعده على التطور، وتسرع معه عملية حل المشكلات واكتشاف الأخطاء.
أهم مواقع الذكاء الاصطناعي
· موقع Open AI
هو موقع مدعوم بالذكاء الصناعي يعمل على توفير كمية هائلة من البيانات، بحيث يمكنه الإجابة عن أي سؤال تطرحه عليه. سواء أكان هذا السؤال إنشاء كود برمجي، أو سيرة ذاتية أو اختبار لخوارزميات التعلم الآلي. يمكن ل Open AI أن يجاوب على الأسئلة وينفذ المهام المطلوبة منه خلال ثوانٍ فقط.
· موقع Synthesia
مع موقع Synthesia لم تعد بحاجة لقضاء الساعات في انتاج فيديو تسويقي لنصك، أو حتى استئجار الخبراء في مونتاج الفيديو. مع Synthesia كل ما عليك فعله هو وضع النص الذي تريده وسيقوم هذا الموقع بإنشاء فيديو رائع متناسب مع النص الذي وضعته. يمكن أن يساعدك هذا الموقع في تقديم وصف لمنتجاتك، أو عمل فيديوهات توضيحية للطلاب.
قد يهمك أيضاً: انشاء موقع ويب احترافي بدون خبرة مسبقة
· موقع Midjourney
يعد Midjourney من أشهر وأقوى مواقع الذكاء الصناعي التي تستخدم لإنشاء الصور. حيث سيمكنك من عمل صور رقمية وفنية مذهلة. مع العديد من المميزات والخيارات. وكل ما عليك فعله هو إدخال نص يصف الصورة التي تريدها، ومن ثم يمكنك تحميل صورتك بكل سهولة. كما يمكن أن تستفيد من هذا الموقع في الحصول على شعار لعلامتك التجارية أو ورسوم توضيحية ثلاثية الأبعاد لطلابك وغير ذلك الكثير.
· موقع VoiceDub
يختص موقع VoiceDub بإنشاء غلاف للأغاني باستخدام قدرات الذكاء الصناعي لمحبي الموسيقا وتغيير الألحان. ويبرز هذا الموقع بفضل المجموعة الواسعة جداً من الأصوات الصناعية التي يملكها. بالإضافة إلى توفيره لمكتبة واسعة من الألحان والنماذج الصوتية. كما يعد موقع VoiceDub سهل الاستخدام، ويتميز بواجهة بسيطة وسرعة أداء عالية.
· موقع Jasper
يحوي موقع Jasper على جميع الأدوات اللازمة للكتابة الإبداعية ومقالات المدونات وغيرها من أنواع الكتابة الاحترافية. سيساعدك هذا الموقع على الكتابة بشكل أسرع وأسهل. وذلك من خلال أكثر من 50 أداة لجميع احتياجات الكتابة، بالإضافة إلى أكثر من 25 لغة مدعومة.
· موقع Grammarly
وهو موقع خاص بالتدقيق اللغوي مدعوم بالذكاء الاصطناعي. يمكنه أن يدقق النص الخاص بك ويجد الأخطاء ويخبرك بها. بالإضافة إلى اقتراح التحسينات فيما يخص الأخطاء والصياغة. كما أن Grammarly يدعم مختلف اللغات، وهو متوفر كتطبيق سطح مكتب يمكنه أن يدقق ما تكتبه على أي برنامج كتابة كالوورد وغيره في الوقت الحقيق للكتابة.
· موقع Notion
وهو من أضخم مواقع تنظيم المهام المدعومة بالذكاء الاصطناعي، يمكنك من إنشاء وتصميم واجهة كاملة لإدارة أعمالك. كذلك فهو يوفر إمكانية العمل الجماعي وتشارك المنصة. كما أنه متوفر من خلال جميع الأنظمة الرئيسية مع ميزات رائعة لا يمكن تخيلها. ببساطة، في حال كنت رجل أعمال أو كان لديك الكثير من المهام مع الموظفين لأدائها ستكون قد تعاملت مع Notion حتماً.
· موقع Fotor Background Remover
يمكن لهذا الموقع أن يقوم بإزالة خلفية الصورة الخاصة بك بسلاسة وسهولة باستخدام تقنيات الذكاء الصناعي. ليس ذلك فحسب، بل سيحتفظ Fotor بجودة الصورة الخاصة بك ووضوحها بعد إزالة الخلفية. كما يمكنك وضع خلفية أخرى للصورة في حال أردت ذلك.
· موقع Wix ADI
وهو أداة مدعومة بالذكاء الصناعي تختص بإنشاء المواقع الالكترونية. حيث يمكن ل Wix ADI أن يصمم مواقع ويب احترافية بمجرد إعطاءه المتطلبات الأساسية للمستخدم.
· ResumAI
وهي أداة متقدمة تستخدم قدرات الذكاء الصناعي في انشاء سيرة ذاتية متوافقة مع المعايير الأساسية ATS. كما يمكنها أن تتأكد من أن سيرتك الذاتية جيدة للفوز بفرص العمل التي تريد التقدم لها، وتحقيق المتطلبات.
ما هو مستقبل الذكاء الاصطناعي؟
في الواقع، يسير الذكاء الاصطناعي بسرعة كبيرة، وقد بات اليوم جزءاً في أي صناعة وحركاً أساسياً للعام. وبالتالي فهو يعمل على صنع مستقبل البشرية في كل شيء تقريباً. وذلك لكونه يلعب دور المحرك الأساسي في مسار التكنولوجيا، التي تهدف إلى جلب الرفاهية والراحة للإنسان. وذلك بدءاً من الروبوتات وانترنت الأشياء، المعدات الصناعية والطبية المدعومة بالذكاء الصناعي، انتهاءً بالمواقع الالكترونية المدعومة بالذكاء الاصطناعي والتي يمكنها أن تقوم بكل شيء تقريباً.
وقد بدأت الشركات الكبرى في اعتماد الذكاء الصناعي، حيث بدأت تنفق مليارات الدولارات على منتجات وخدمات الذكاء الاصطناعي، مثل شركات أمازون ومايكروسوفت. بالإضافة إلى 44% تقريباً من الشركات الأخرى التي صرحت أنها تتطلع لاستخدام الذكاء الصناعي في انتاجها.
وبالرغم من كل تلك القوة التي يتمتع بها الذكاء الصناعي، إلا أنه يفتقر إلى الابداع. وبالتالي من المتوقع أن يعمل الذكاء الصناعي في المستقبل جنباً إلى جنب مع الانسان في المجالات الصناعية كافة. إلا أنه لن يستطيع أن يكون بديلاً أو مرافقاً في بعض المجالات التي تتطلب قدرات الإنسان على الإبداع.
إذاً، يعد يبقى سؤال ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيستبدل البشر سؤال يعتمد على كيفية تنظيمنا لهذه التكنولوجيا القوية، واستخدامها بذكاء لخدمة الإنسانية. وبالتالي، فإن مستقبلنا يعتمد على توجيه هذه القوة التكنولوجية نحو تحقيق مستقبل أفضل للإنسان.
وفي الختام، وكإجابة على سؤالكم حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيستبدل البشر أم لا، يقول الأستاذ كريم لاخاني المتخصص في التكنولوجيا من كلية هارفرد أنه كما نجح الانترنت في خفض تكلفة المعلومات، سيقوم بخفض تكلفة الإدراك، إلا أن الذكاء الاصطناعي لن يستبدل البشر وليس ذلك الهدف منه، لكن البشر مع قدراته سيستبدلون البشر بدون ذكاء اصطناعي.